الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية العميد الصادق بلعيد: تونس أضحت اليوم محبوسة بين "جاهل ومجهول وبينهما فراغ"، والبلاد انقسمت إلى "مستضعفين ومفسدين"

نشر في  17 مارس 2022  (18:31)

نظم ائتلاف صمود يوم الثلاثاء 15 مارس الجاري بنزل الجولدن توليب المشتل ندوة وطنية تحت عنوان: أي نظام سياسي لتونس بعد 25 جويلية؟ الشروط الموضوعية لإرساء نظام سياسي يكرس دولة القانون ويحمي الحقوق والحريات بحضور عدد من الممثلين عن المنظمات الوطنية والجمعيات والأحزاب والشخصيات الوطنية من بينهم العميد الصادق بلعيد واستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ وعميد المحامين ابراهيم بودربالة والرئيس الأسبق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والعميد السابق للمحامين شوقي الطبيب فضلا عن عدة شخصيات وطنية أخرى...

البداية في الجزء الأول للندوة كانت مع العميد وأستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد الذي طرح في مداخلته عديد النقاط التي تخص ما تعيش على وقعه بلادنا اليوم من أزمات على مختلف الأصعدة وتراكمات وتجاذبات تشهدها تونس منذ سنة 2010 الى يومنا هذا الذّي وصّفه بالخطير.

وقال العميد بلعيد في هذا الإطار "كلنا نعلم ونأسف للحالة التي تعيش على وقعها البلاد التونسية  بعد مرور اكثر من 12 سنة بل ولعلّ ما نلحظه أنّ الذي حصدته تونس من تاريخ 2010-2011 هو معاناتها من وضعية الفشل وحالة التأزّم وتراكم الخيانات وتعدّد الجرائم والاغتيالات".

المستضعفون والمفسدون في البلد

واعتبر أنّ التعبير السياسي والإداري عن كل هذا المشهد السوداوي الكافكاوي هو الإعلان عن افلاس السياسة الاقتصادية لتونس وغياب كلّي لجانب الطموح بشأن الأهداف الاقتصادية، فضلا عن تكوّن طبقة اقتصادية ريعية باتت اليوم "مفيوزية" فانقسمت بذلك البلاد الى قسمين قسم للمستضعفين وقسم آخر للمفسدون في البلد على حدّ تعبيره.

وصرّح الصادق بلعيد انّه كان من الأجدر أن يكون أوّل سؤال علينا طرحه منذ فترة 2010-2011 متعلّق بّماهية النظام السياسي الملائم لمعالجة الحالة المتأزمة للبلاد، معتبرا أنّ الحلّ المطروح والإجابة عن هذا السؤال يكمن في بسط تصوّر جليّ لتنظيم اقتصادي واجتماعي وسياسي بإمكانه الخروج بالبلاد من حالة التخلّف التي تقبع فيها والنهوض بها نحو التقدّم والنّماء.

واستدرك العميد قائلا إنّه لا تكفي الارادة فقط حتّى تتحقّق الأهداف المرجوّة بل يجب خلق الاليات الكفيلة وبسط الإرادة الحقيقة للفعل لا للقول، فلا فائدة ترجى من كل الشعارات الرنّانة دون أن يكون هنالك خلق ملموس للاليات. مجدّدا القول بأنّ تونس لم تحقق أيّا من اهدافها لاعتبارات من اهمّها عدم التفطّن الى وجوب وضع هيكلية قادرة الى تحقيق تلك الاهداف والغايات إلى فعل واقع وملموس وهو الشيء الذي تركنا الى حد اليوم في هذا المأزق.

وأشار العميد الى أنّ كلّ الحكومات المتعاقبة بعد أحداث 2010-2011 لم تتقدّم أيا منها بمشروع للنهوض بهذه البلاد وهذا باعتراف من رؤسائها، لذلك فقد بقيت تونس تتعثّر وتصطدم بالصعوبات ولم تتمكّن من الخروج من عنق الزجاجة معتبرا أنّ حكومة بودن هي أيضا لم تقدم أيّ فكرة عن برنامج عملها بل أنّ حتّى الافكار التقدمية والاستراتيجية لن تكون قادرة عليها.

وأكّد العميد بلعيد، بأن الأنظمة السياسية في العالم اثنين فقط، إمّا نظام استبدادي بكل أنواعه أو نظام ديمقراطي ولكل منهما تفرعاته، معتبرا انّ تونس تعيش منذ خمسينات القرن الماضي، في دوامة النظامين الرئاسي والبرلماني وأنّ النظام البرلماني لم ينجح فيها لأنه كان عبارة عن قالب جاهز مستورد من أنظمة أخرى على غرار فرنسا وانقلترا، مشيرا الى النزام البرلماني رهين توفّر الظروف الملائمة والضرورية بصفة مسبقة مضيفا "إذا لم يكن لديك نخبة سياسية من مستوى عال جدا فلا تأمل ان ينجح النظام البرلماني في بلدك".

حكومة الجهالة والجهل بالتيّار المجهول

وبخصوص اقتراحه لخروج البلاد من الوضعية الحرجة التي تعيشها، شدّد بلعيد على ان هذه البلاد لن "تقوم لها قائمة" الا عند اعطاء المشعل وتسليم المهمة واعطاء المسؤولية الى قوة سياسية طموحة قادرة على انجاز استراتيجيات عن طريق عقد اجتماعي يجمع بين تصوّرات أصحاب المبادرة واغلبية هذا الشعب".

وأضاف "نحن اليوم نتخبّط بين مأزقين لا خروج منهما ولا نجاة، اول هذين المأزقين يكمن في حكومة الجهالة وهو ما حدث في تونس منذ  سنة 2010... أما المأزق الثاني فيتمثّل في التيار الذي يضعنا في جهل عن اقتراحاته وتصوراته ومخططاته بل ولا نعرف اين سيذهب بنا لانه هو نفسه يجهل ما سيقدمه ويتصوره لهذا الشعب... ولذلك فنحن في منعرج خطير للغاية فهذا التيار سيحملنا الى ماهو أعمق واخطر مما كنا  نعيش فيه".

واستلهم العميد عبارة "شاطر ومشطور وبينهما كامخ أو غذاء" للتعبير عن سخريته من الوضعية الحالية للبلاد قائلا انه وتشبيها للصورة التي حملتها تلك العبارة فإنّ تونس اليوم أضحت محبوسة بين "جاهل ومجهول وبينهما فراغ".

 منارة تليجاني